للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنظوم من اعتبار قيد "المنظوم"؛ لأن وجه الشبه هو هيئة البريق مع حسن التنسيق، وهذا لا يتم إلا بمراعاة القيد المذكور, فليس المراد إذًا مطلق قيد، بل المراد قيد له تعلق بوجه الشبه أي: له دخل في تكوينه -كما بينا- فإن لم يكن كذلك فلا اعتبار له، ويعتبر الطرف المقيد بمثل هذا القيد من قبيل المفرد المطلق عن القيد كما في قولك: "رأيت رجلا يهب الجزيل كالأسد" فقولك: "يهب الجزيل" قيد لا يعتبر به المشبه مقيدا؛ إذ لا دخل له في تحقيق وجه الشبه ا. هـ.

الثاني: الفرق بين المقيد من الطرفين والمركب منهما أن المقصود بالذات في المركب هو الأجزاء مجتمعة، وليس فيها جزء قصد وحده بالتشبيه، وإن صح أن يشبه بجزء من الطرف الآخر على نحو ما سبق في بيت بشار، فإن المشبه هناك مجموع النقع المثار, والأسياف المسلولة، والمشبه به مجموع الليل، والكواكب المتهاوية، ولم يتعلق الغرض بتشبيه النقع وحده بالليل، ولا بتشبيه السيوف وحدها بالكواكب، وإن صح ذلك.

أما القيد, فإن المقصود بالذات فيه هو أحد أجزاء الطرف، مع مراعاة قيد فيه. فالقيد إذًا ليس مقصودا بذاته, بل مقصود لذلك الجزء كما في تشبيه الساعي المقيد بأن سعيه لم يكلل بنجاح بالناقش المقيد بأن نقشه على الماء, فإن المقصود بالذات كل من "الساعي والناقش" مراعى في كل منهما قيده الخاص به أشبه الأشياء باليد من الإنسان.

فمدار التفرقة بينهما إذًا على القصد والاعتبار، لا على التركيب اللفظي, فإن كانت الأجزاء كلها مقصودة بذاتها في التشبيه كان من قبيل المركب، وإن كان المقصود أحد الأجزاء، وأن ما عداه تبع له كان من قبيل المفرد المقيد. والمرجح لأحد القصدين، وجود الحسن فيه دون الآخر١، والحاكم في ذلك هو الذوق السليم، والقريحة الصافية, أما التركيب اللفظي فلا اعتبار له في التفرقة بين المقيد والمركب؛ إذ قد يستويان فيه غالبا ا. هـ.


١ هذا بالنظر إلى المتكلم, وأما السامع فيفرق بينهما باعتبار ما يبدو له من القرائن الدالة على أن المتكلم قصد الأجزاء كلها، أو قصد أحد الأجزاء واعتبر ما عداه تبعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>