للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على طريق العطف كما جمع بين المشبهين بهما في المصراع الثاني كذلك كما ترى١.

ومثال تعدد الطرفين غير معطوفين قولك: "والداك القمران" فالطرفان متعددان من غير عطف -كما رأيت- وقد يؤتى بأحدهما معطوفا، دون الآخر كما تقول: "أبوك وأمك القمران"، و"والداك الشمس والقمر" فالمعطوف في الأول هو "المشبه"، وفي الثاني هو "المشبه به"، وفي جميعها تقدم المشبه على المشبه به كما ترى. وعكس ذلك أن يقال: "كالشمس والقمر هند ودعد" بتقديم المشبهين بهما على المشبهين، مع العطف فيهما, ويقال: "كالقمرين ليلى وسعاد" معطوفا أحدهما دون الآخر، ويقال في عكسه: "كالأسد والبحر صديقاك", إلى غير ذلك مما جمع فيه كل صنف على حدة كما هو رأس المسألة. وسمي هذا النوع "ملفوفا" لأنه من اللف وهو الضم، وقد لف المشبهان في جميع ما مثلنا أي: ضم بعضهما إلى بعض, كما لف المشبهان بهما كذلك.

والمفروق: أن يتعدد طرفاه، ويجمع كل طرف مع صاحبه، بأن يجمع كل مشبه مع مشبه به كما في قول ابن سكرة:

الخد ورد والصدغ غالية ... والريق خمر والثغر كالدرر٢

شبه الشاعر الخد بالورد, والصدغ بالغاية، والريق بالخمر، والثغر بالدرر، جاعلا كل مشبه مع مقابله. ومثله قول المرقش الأكبر٣:


١ إنما جعل من تشبيه المفرد المتعدد، ولم يجعل من تشبيه المركب بالمركب؛ لأنه ليس لانضمام الرطب من القلوب إلى اليابس منها هيئة حاصلة خاصة يقصد إليها، ولا لاجتماع العناب مع الحشف البالي هيئة كذلك.
ولهذا لو فرق التشبيه فقيل: كأن الرطب من القلوب عناب، وكأن اليابس منها حشف لصح ذلك، بدون توقف أحد التشبيهين على الآخر.
٢ المراد بالصدغ: الشعر المتدلي على الخد، والغالية: أخلاط من الطيب, و"الثغر" أراد به الأسنان.
٣ هو عمرو بن سعد, شاعر جاهلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>