للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الوجه, ويسمى مثل هذا النوع من التشبيه "تشبيه التضاد".

غير أنه لا بد لتنزيل التضاد منزلة التناسب من غرض صحيح يدعو إليه, وإلا كان الكلام ضربا من الهذيان، وذلك الغرض هو التهكم والسخرية، أو التظرف والتمليح١، وبغير ذلك لا يتم التنزيل المذكور، ولا يعتبر. فإذا قلت مثلا: "ما أشبه البخيل بحاتم"! أو ما أشبه العيي بسحبان وائل، منزلا التضاد بينهما منزلة التناسب؛ فلا بد أن يكون ذلك منك على سبيل التهكم والسخرية، أو التظرف والتمليح.

أما ما قيل من أن وجه الشبه في نحو هذين المثالين هو "التضاد" أي: كون كل منهما مضادا للآخر؛ لأنه المعنى المشترك بين الطرفين, فهو قول لا يعدو صماخ الأذن؛ إذ من المعلوم بداهة: أن كلا من المتضادين مضاد للآخر ومقابل له كما في قولنا: "السواد كالبياض في التضاد"، و"العدم كالوجود في التقابل". وهكذا ومثل هذا التشبيه من لغو القول ينبغي أن يبرأ منه كلام البليغ, على أنه لو كان الأمر كذلك لم يكن للتهكم أو التظرف معنى؛ إذ لا تهكم أو تظرف في أن يشبه أحد المتضادين بالآخر في معنى التضاد؛ لأن هذا لا يعدو الواقع الملموس، وإنما يكون التهكم أو التمليح حيث يدعى للجبان شجاعة، وللبخيل جود، بعد تنزيل التضاد بينهما منزلة التناسب كما رأيت ا. هـ.

اختبار وتمرين:

١- عرف وجه الشبه، وهل كل معنى بين الطرفين يصح جعله موضع اشتراك؟ وجه ما تقول، مع التمثيل.


١ يفرق بينهما بحسب المقام, فإن رمى المتكلم إلى السخرية والاستهزاء فتهكم, وإن كان متظرفا فتمليح.

<<  <  ج: ص:  >  >>