فإن وجه الشبه فيه هيئة اجتماع صور بيض مستديرة، صغار المقادير، في رأي العين، على وضع خاص١. وهذه الهيئة حسية، والطرفان هنا "الثريا والعنقود" وهما مفردان روعي في كل منهما قيده الخاص, ففي الأول روعي كونه في وقت الصبح، وفي الثاني روعي كونه عنقود ملاحية حين تفتح نوره.
والمركب الحسي ذو الطرفين المختلفين, إفرادا وتركيبا كما في قول الصنوبري:
وكأن محمر الشقيـ ... ـق إذا تصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد
فإن وجه الشبه فيه هيئة الأجرام الحمر، المنشورة على رءوس أجرام مستطيلة خضر, وهذه الهيئة حسية تدرك بحاسة البصر، والمشبه -كما ترى- مفرد؛ لأنه اسم لمسمى واحد هو "الشقيق"، ولكن روعي فيه قيوده من الاحمرار، والتصوب والتصعد، والمشبه به مركب؛ لأن القصد فيه إلى هيئة الأعلام الياقوتية، المنشورة على الرماح الزبرجدية. وكما تقدم في عكسه من قول أبي تمام:
يا صاحبي تقصيا نظريكما ... تريا وجه الأرض كيف تصور
تريا نهارا مشمسا قد شبه ... زهر الربا فكأنما هو "مقمر"
فإن وجه الشبه فيه هيئة اختلاط شيء أسود بشيء أبيض مشرق, وهذا الوجه مما يدرك أيضا بحاسة البصر, والمشبه مركب لأن القصد فيه -كما سبق- إلى هيئة النهار المشمس، خالطه زهر الربا، فنقص من ضوئه والمشبه به وهو "الليل" مفرد مقيد بالوصف المذكور.
لكن قد يقال: إن وجه الشبه هو المعنى الذي يشترك فيه الطرفان، فينبغي إذًا أن يكون كليا ليتأتى فيه معنى الاشتراك،
١ أي: لا هي منضمة شديدة الانضمام، ولا هي مبتعدة شديدة الابتعاد.