والحسي -وهو المدرك بإحدى الحواس- لا بد من وجوده في جسم معين خارجا, حتى يتأتى إدراكه بالحاسة كالحمرة القائمة بخد معين، وورد معين, ومثل هذا لا يكون إلا جزئيا والجزئي لا يتأتى فيه الاشتراك فلا يصح أن يكون وجه شبه.
ويجاب: بأن لا نزاع في أن وجه الشبه لا يكون إلا كليا ضرورة اشتراك الطرفين فيه, فوجه الشبه في نحو قولك:"خده كالورد" هو "مطلق حمرة" وهو معنى كلي لا يدركه إلا العقل، ولا مدخل للحواس فيه, غير أن الموصوف بالحسية إنما هو جزئيات هذا الكلي كحمرة هذا الخد المشاهد، وحمرة هذا الورد المعين؛ وحينئذ فإطلاق وصف الحسية على وجه الشبه الذي هو مطلق حمرة فيه نوع تسامح من إطلاق ما للجزئي على الكلي.
والمتعدد الحسي ما تقدم في تشبيه فاكهة بأخرى في الطعم, والرائحة، واللون, فوجه الشبه لكل واحد من هذه الأمور الثلاثة، وجميعها حسي، يدرك الأول منها بحاسة الذوق، والثاني بحاسة الشم، والثالث بحاسة البصر.
٢- أن يكون وجه الشبه عقليا أي: مدركا بالعقل، واحدا كان، أو مركبا، أو متعددا.
فالوجه الواحد العقلي, طرفاه إما: عقليان، أو حسيان، أو مختلفان. فالواحد العقلي ذو الطرفين العقليين "كعدم النفع" في قولك: "وجود فلان كعدمه"، و"كعظم الفائدة" في قولك: "العلم كالحياة". والواحد العقلي ذو الطرفين الحسيين "كالهداية" في قول النبي صلى الله عليه وسلم: $"أصحابي كالنجوم, بأيهم اقتديتم اهتديتم"، و"كالرسوخ" في قولك: "فلان كالجبل". والواحد العقلي ذو الطرفين المختلفين حسا وعقلا "كالهداية" في قولك: "العلم كالنور"، فالمشبه عقلي، والمشبه به حسي,