للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن تشبيه التمثيل هو ألا يكون الوجه المركب فيه حسيا, بأن كان عقليا أو اعتباريا١.

فالمذاهب إذًا ثلاثة: مذهب الجمهور، ومذهب عبد القاهر، ومذهب السكاكي٢, والأول أعم الثلاثة، ويليه الثاني، وأخصها الأخير, على ما فهم من صريح قول السكاكي.

أما غير التمثيل عند الشيخين فيختلف باختلاف مذهبهما في تشبيه التمثيل, فهو عند السكاكي -على ما فهم من صريح قوله- ما لا يكون وجه الشبه فيه هيئة منتزعة من متعدد، أو كان منتزعا من متعدد، وليس اعتباريا وهميا بأن كان وصفا حقيقيا -حسيا أو عقليا- وعند عبد القاهر: ما لا يكون وجه الشبه فيه هيئة منتزعة من متعدد، أو كان منتزعا من متعدد، ولكنه ليس عقليا، أو اعتباريا بأن كان حسيا.

فمثل تشبيه مثار النقع، يتخلله بريق السيوق بليل تهاوى كواكبه، وتشبيه الثريا بعنقود الملاحية، وتشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل، وغير ذلك مما فيه الوجه منتزع من متعدد حسي. كل ذلك من قبيل تشبيه التمثيل عند الجمهور؛ لأن وجه الشبه فيها هيئة مركبة من عدة أمور, وليس من تشبيه التمثيل عند عبد القاهر، ولا عند السكاكي؛ لأن وجه الشبه فيها ليس مركبا عقليا، أو اعتباريا. وأما نحو التشبيه في آية اليهود السابقة، أو في قول الشاعر:

والمستجير بعمرو عند كربته

"البيت"

مما يكون فيه الوجه مركبا عقليا, فمن تشبيه التمثيل عند الجمهور،


١ كون الوجه المركب حسيا أو عقليا إنما هو باعتبار مادته المنتزع هو منها, وإلا فإن الهيئة المنتزعة أمر اعتباري لا وجود له.
٢ ولصاحب الكشاف مذهب, وهو أن التشبيه والتمثيل مترادفان, فكل تشبيه عنده تمثيل ولو كان الوجه مفردا, وبهذا تتم المذاهب أربعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>