للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التشبيه بدونه, كأنه يقول: عزماته مثل النجوم, لولا أن لها أفولا, وكقولك: وجه فلان مثل الشمس لولا كسوفها، وكالقمر لولا خسوفه. ومثال تقييد المشبه قول البديع:

يكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا ... لو كان طلق المحيا يمطر الذهبا

والدهر لو لم يخن الشمس لو نطقت ... والليث لو لم يصد١ والبحر لو عذبا

فالمشبه به الممدوح, وقد شبه به كل من صوب الغيث، والدهر، والشمس، والليث، والبحر مقرونا كل منها بقيد لولاه ما تم التشبيه.

ومثال تقييد الطرفين معا قولك: "عباس في علمه بالأمور إذا كان يقظا كعلي في علمه بها إذا كان غافلا".

هذا, وكل ما تقدم من القيود، وجوديا كان أو عدميا، قد دل عليه بصريح اللفظ كما رأيت.

ومثال المدلول عليه بسياق الكلام قولهم: "هذه القبة كالفلك في الأرض" أي: لو كان الفلك في الأرض, وقولهم: "هي بدر يسكن الأرض" أي: لو كان البدر يسكن الأرض.

ومن هذا النوع ما يسمى "تشبيه التفضيل" وهو أن يشبه المتكلم شيئا بشيء، ثم يرجع فيرجع المشبه على المشبه به, كقول الشاعر:

حسبت جماله بدرا منيرا ... وأين البدر من ذاك الجمال؟

وكقول الآخر:

من قاس جدواك بالغمام فما ... أنصف في الحكم بين شيئين


١ هو بالبناء للمجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>