للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقول: ليلى مماثلة البدر في بهائه، ومشابهة الغصن في ليونته, ومحاكية الحرير في نعومته "بالإضافة في جميعها"١.

ومن أدوات التشبيه "سيان وسواء" تقول: "محمد والأسد سيان", و"محمد وعمرو في ذلك سواء".

والأصل في الكاف، وما جرى مجراها من الأسماء المضافة لما بعدها أن يليها المشبه به لفظا كما مثلنا، أو تقديرا كما في قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ ٢ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ} بعد قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا ... } الآية، فالمشبه به الثاني في الآية قد ولي الكاف تقديرا, والأصل: كمثل ذوي صيب، أما تقدير "ذوي" فلأن الضمائر الثلاثة في {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ} للمنافقين، وهم ليسوا مذكورين في الآية، فبقيت الضمائر بلا مرجع، ولا بد لها منه كما هو الشأن فيها. وأما تقدير "مثل" فلأجل أن يشاكل المعطوف عليه،


١ قال بعضهم: إن المتبادر أن هذه المشتقات كلها إنما تفيد الإخبار بمعناها, فقولك: محمد يشبه عمرا أو مشابه عمرا أو محاكيه إخبار بالمشابهة كما تقول: محمد يقوم أو محمد قائم, فإنه إخبار عنه بالقيام وليس هناك أداة داخلة على المشبه, فعدها من أدوات التشبيه لا يخلو عن مسامحة.
٢ الصيب: المطر, من صاب بمعنى نزل وهطل، ويطلق أيضا على السحاب. شبه حال المنافقين وقد أبصروا بأعينهم نور الإيمان, وذاقوا حلاوته, وشهدوا بأنفسهم دلائله وشواهده, ووضح أمامهم طريقا الخير والشر وهم -مع ذلك- مصرون على عقيدتهم الفاسدة، مؤثرون أن يقيموا على ظلام الكفر ويتخبطوا في دياجير الضلال, شبه هذه الحال بحال قوم أوقدوا حولهم نارا تبينوا على ضوئها ما أحاط بهم من معالم الأشياء, ثم ما لبثوا أن أطفئت النار فوقعوا في ظلام دامس يتخبطون، أو بحال آخرين كانوا في حال من الهناءة والدعة والاستقرار, ثم ما لبثوا أن دهمهم مطر غزير، أو سحاب متكاثف قاتم صحبه أهوال من الرعد القاصف، والبرق الخاطف مما جعلهم يضعون أصابعهم في آذانهم حذر الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>