للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي التي لا يتصور فيها مطلقا أن تعود إلى الالتئام ثانيا, تمكن المعنى في النفس، وآمنت به إيمانها بالمعنى الممثل به.

الخامس: تزيين المشبه للمخاطب أي: تصويره له بصورة جميلة محببة للنفوس؛ بأن يلحق بمشبه به استقر في النفس حسنه وحبه ليتخيله المخاطب كذلك، فيرغب فيه لما هو مركوز في الطباع من أن المتماثلين حكمهما واحد، لا فرق في ذلك بين المبصرات وغيرها كما في قول الشاعر:

سوداء واضحة الجبيـ ... ـن كمقلة الظبي الغرير١

فالوجه الأسود مما لا يستحسن في رأي العين, فلأجل الترغيب فيه شبه بمقلة الظبي في حسن سوادها واستدارته تزيينا له عند السامع، فيتخيله حسنا، ومثله قول الشاعر:

تفاريق شيب في الشباب لوامع ... وما حسن ليل ليس فيه نجوم؟

شبه الشاعر هيئة ظهور بياض الشيب يلمع بين سواد الشباب بهيئة نجوم تتألق في جنح الليل, بجامع هيئة اختلاط شيء ناصع البياض بآخر حالك السواد. والغرض من هذا التشبيه تصوير الشيب بين سواد الشباب بصورة الكواكب تبرق في ظلام الليل؛ تزيينا له في عين المخاطب، فلا ينفر منه, وكما في تشبيه صوت مغنٍّ بصوت داود، وبشرة إنسان بالحرير، ونكهة فم بالعطر، أو نحو ذلك.

السادس: تقبيح المشبه وتصويره للمخاطب بصورة قبيحة؛ بأن يلحق بمشبه به تتقزز منه النفس، ويمجّه الطبع ليتخيله المخاطب كذلك، فيرغب عنه لما تقدم من أن المتماثلين حكمهما واحد كما في قول الشاعر:


١ الغرير: الحسن الشكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>