للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أنك عرفت مما تقدم -على ما حققناه- أن أعرفية المشبه به بوجه الشبه شرط فيما عدا "الاستطراف"، وهو خلاف ما ذهب إليه شراح التلخيص من عدم اشتراطها أيضا عند قصد التزيين والتقبيح، وقد عرفت ما فيه.

ووجه اشترط الأعرفية في تلك الأغراض: أن المشبه به بمثابة المعرف لحال المشبه، فلو لم يكن المشبه به أعرف بوجه الشبه لزم تعريف المجهول بالمجهول، أما الأتمية فقد شرطها شراح التلخيص عند قصد تقرير المشبه وتمكينه في النفس لما ذكروه من أن النفس إلى الأتم الأقوى أميل منها إلى غيره، لكنك علمت أيضا أنها كذلك شرط عند قصد تزيين المشبه، أو تقبيحه لما بيناه من توقف تحقيق هذين الغرضين على أتمية الحسن، أو القبح في المشبه به كما هو واضح في المثالين السابقين، وهي فيما عدا ذلك من الأغراض ليست بشرط عند الجميع لإمكان تحقيق هذه الأغراض بدون الأتمية -كما بينا- غير أن هذا لا يتنافى مع قاعدة التشبيه من وجوب كون المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه, فإن عدم اشتراط الشيء لا ينافي وجوده، ولو على سبيل الوجوب ا. هـ.

الأغراض التي تعود على المشبه به, وهي اثنان:

الأول, وهو الكثير الغالب: إيهام المخاطب أن المشبه أقوى وأتم من المشبه به في وجه الشبه، وذلك إنما يكون في التشبيه المقلوب بأن يجعل المشبه في مكان الشبه به بادعاء أن المشبه أكمل في وجه الشبه من المشبه به مبالغة، فيتوهم السامع حينئذ أن الأصل فرع والفرع أصل, جريا على قاعدة التشبيه من وجوب كون المشبه به أقوى وأتم في وجه الشبه من المشبه, كما في قول محمد بن وهيب يمدح المأمون:

<<  <  ج: ص:  >  >>