للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: بيان اهتمام المتكلم بالمشبه به, كأن يشبه الجائع وجه حبيبه بالرغيف في الاستدارة والاستلذاذ به, مدعيا أن الرغيف أظهر في وجه الشبه من وجه الحبيب؛ ليدل بهذا التشبيه على اهتمامه بالرغيف، وأنه -لشدة جوعه- لا يغيب عن خاطره، وكأن يشبه الفقير وجه الحبيب بالدينار في الاستدارة والإشراق ليدل بهذا التشبيه على مبلغ عنايته بالنقدين، وأنه لشدة فقره لا يغربان عن ذهنه، وأن الدينار في زعمه أظهر من المشبه في وجه الشبه, ويسمى هذا النوع من التشبيه "إظهار المطلوب"١ لإتيان صاحبه بما يدل على مطلوبه، ولا بد في مثل هذا التشبيه من قرينة تدل على قصد المتكلم كالعدول عما يناسب إلى غيره. وههنا في المثالين قد عدل عن تشبيه الوجه في الإشراق بما يناسبه وهو "البدر" إلى غيره, وهو "الرغيف" في الأول و"الدينار" في الثاني.


١ قال السكاكي: ولا يحسن المصير إليه إلا في مقام الطمع في حصول المطلوب, وقد حكي: أن قاضي سجستان دخل على "الصاحب", فأخذ يمدحه حتى قال: "وعالم يعرف بالسجزي" يريد السجستاني نسبة إلى سجستان على غير قياس، فأشار الصاحب إلى ندمائه أن يتمموا البيت على أسلوبه، فكمله أحدهم بقوله: "أشهى إلى النفس من الخبز" ففهم مراده, فقدم له مائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>