للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان الغرض تقريره, وجب أن يكون المشبه به أتم في وجه الشبه من المشبه؛ ليتقرر في ذهن السامع، ويزداد به إيمانا.

وإن كان الغرض تزيينه أو تقبيحه, وجب أن يكون المشبه به أتم أيضا في وجه الشبه من المشبه, على الخلاف في ذلك.

وإن كان الغرض استطرافه, وجب أن يكون المشبه به غريبا في بابه، أو بعيد التصور, وقد تقدمت أمثلة كل هذا، فلا داعي لذكرها.

والمردود: ما لم يكن وافيا بالغرض المسوق له التشبيه.

ففي بيان الحال: أن يكون المشبه به مجهول الصفة للمخاطب, كأن تشبه ثوبا في لونه بآخر لا يعرفه المخاطب.

وفي بيان المقدار: أن يكون المشبه به أقل أو أكثر من المشبه في وجه الشبه, كأن تشبه ثوبا أبيض بآخر أقل أو أكثر منه بياضا.

وفي بيان الإمكان: أن يكون وجه الشبه غير مسلم الوجود في المشبه به, كأن تشبه رجلا فاق جنسه لميزة فيه بآخر فاق جنسه كذلك.

وفي التقرير: ألا يكون المشبه به أتم في وجه الشبه من المشبه, كأن تشبه من لم يحصل من سعيه على نتيجة بمن ينقش على حجر، أو بساعٍ آخر لم يحصل من سعيه على طائل.

وفي تزيينه، أو تقبيحه: ألا يكون المشبه به أتم في وجه الشبه من المشبه, كأن تشبه وجها أسود بالفحم مريدا تحسينه، أو أن تشبه إنسانا يتكلم بحسناء تبتسم مريدا تقبيحه.

وفي الاستطراف: ألا يكون المشبه به غريبا، أو بعيد التصور, كأن تشبه فحما تتخلله نار بقطع من الحديد في أثنائها لهب، أو أن تشبه أزهار البنفسج بما يناسبها من الأزهار إذ ليس المشبه به غريبا في الأول، ولا بعيد التصور في الثاني, فالتشبيه -في كل ما ذكرنا- مردود؛ لعدم وفائه بالغرض كما رأيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>