للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"في الحمام" إذ الحلول في الحمام ليس من شأن الحيوان المفترس, والقرينة في الثاني قولك: "رعت الماشية" إذ إن الغيث لا يرعى, والقرينة في الثالث حالية وهي كون المستعمل للفظ الصلاة من أهل الشرع.

وفي هذا التعريف قيود خمسة:

١- المستعملة.

٢- في غير ما وضعت له.

٣- في اصطلاح التخاطب.

٤- لملاحظة علاقة.

٥- مع قرينة مانعة.

أما القيد الأول, فقد احترز به عن الكلمة قبل الاستعمال, فلا تسمى حقيقة، ولا مجازا.

وأما القيد الثاني, فقد احترز به عن الحقيقة, وهي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في كافة الاصطلاحات, كالأسد المستعمل في الحيوان المفترس.

وأما القيد الثالث, فقد احترز به عن الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح آخر غير الاصطلاح الذي وقع به التخاطب "كالصلاة" إذا استعملها المتكلم بعرف الشرع في الأركان الخاصة، فليست بمجاز لعدم استعمالها في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب وهو "الشرع"، وإن كانت مستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح آخر وهو "اللغة". و"كالصلاة" أيضا إذا استعملها المتكلم بعرف اللغة في الدعاء، فليست بمجاز كذلك؛ لعدم استعمالها في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب وهو اللغة, وإن استعملت في غير ما وضعت له في اصطلاح آخر هو "الشرع"، فالمدار في المجاز حينئذ على أن تكون الكلمة مستعملة في غير ما وضعت له عند أهل الاصطلاح, الذي وقع به التخاطب بالكلمة المنطوق بها.

وأما القيد الرابع, فقد احترز به عن الغلط اللساني١، وهو


١ أما الغلط في الاعتقاد, فإن استعمل اللفظ في معناه بحسب اعتقاد المتكلم كأن يقول: انظر إلى هذا الأسد, معتقدا أنه الحيوان المفترس فإذا هو فرس, فهو حقيقة لاستعماله في معناه الأصلي في اعتقاده, وإن لم يصب. وإن استعمل اللفظ في غير معناه الأصلي بحسب اعتقاده كأن يقول: انظر إلى هذا الأسد, مشيرا إلى حجر معتقدا أنه رجل شجاع, كان مجازا؛ لأنه مستعمل في غير معناه لعلاقة وإن لم يصب في ثبوت العلاقة في المشار إليه, وهذا هو أصح الأقوال في هذه المسألة, إذ المعول عليه الاعتقاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>