للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- ألا يكون القول المذكور وأشباهه استعارة؛ لأن حقيقة الاستعارة أن ينقل اللفظ بمعناه بدعوى دخول المشبه في جنس المشبه به، لا أن ينقل اللفظ مجردا عن المعنى، وعن هذه الدعوى، وإلا كانت الأعلام المنقولة "كيزيد ويشكر" استعارة، ولا قائل به.

٢- ألا تكون الاستعارة أبلغ من الحقيقة, إذ لا مبالغة في نقل اللفظ مجردا عن المعنى، وخاليا عن دعوى الاتحاد, وهذا خلاف الواقع.

٣- أن من قال: "رأيت شمسا تتحدث"، وأراد "ليلى" مثلا, لا يقال فيه: إنه جعلها شمسا أي: أثبت لها معناها كما لا يقال فيمن سمى بنته شمسا: إنه أثبت لها هذا المعنى لاستواء الأمرين في عدم ادعاء دخول ما أطلق عليه الاسم المستعار في جنس صاحب الاسم، مع أنه من المقطوع به أن من قال: "رأيت شمسا تتحدث"، وأراد "ليلى" مثلا إنما يريد -في العرف- أن يجعل ليلى شمسا, أي: أن يثبت لها معنى الشمس، ولا يكون هذا إلا باعتبار ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به.

وإذ ثبت أن اللفظ المستعار إنما نقل إلى المستعار له بعد نقل معناه إليه، بمعنى إثبات معناه له كإثبات معنى الشمس الحقيقية للمرأة الجميلة ادعاء كان استعمال اسم "الشمس" في المرأة الجميلة استعمالا للفظ فيما وضع له١، فلا يكون مجازا لغويا، بل عقليا, بمعنى أن العقل اعتبر المرأة الجميلة داخلة في جنس الشمس الحقيقية، وفردا من أفرادها -واعتبار ما ليس في الواقع واقعا مجاز عقلي- يؤيد هذا صحة التعجب في قول ابن العميد٢:


١ ظهر من هذا أن المستعار في الحقيقة على هذا الرأي هو معنى المشبه به, ولما تبع ذلك إطلاق اللفظ سمي استعارة تبعا لاستعارة المعنى.
٢ هو ذلك الكاتب المعروف, وقد قاله في غلام جميل قام على رأسه, يظلله من حر الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>