للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قامت تظللني من الشمس ... نفس أعز على من نفسي

قامت تظللني ومن عجب ... شمس تظللني من الشمس١

أي: غلام جميل كالشمس في الحسن والبهاء, كما يؤيده صحة النهي عن التعجب في قول أبي الحسن٢:

يا من حكى الماء فرط رقته ... وقلبه في قساوة الحجر

يا ليت حظي كحظ ثوبك من ... جسمك يا واحدا من البشر

لا تعجبوا من بلى غلالته ... قد زر أزراره على القمر٣

أي: على جسم مشرق كالقمر, فلولا أن ابن العميد ادعى لغلامه معنى الشمس الحقيقي لما كان لهذا التعجب معنى, إذ ليس ببدع أن يظلل إنسان حسن الوجه إنسانا آخر، ويقيه بشخصه وهج الشمس، كذلك لولا أن أبا الحسن جعل صاحبه قمرا حقيقة لما كان هناك وجه للنهي عن التعجب؛ لأن الكتان إنما يسرع إليه البلى حين يلابس القمر الحقيقي كما يقولون، لا حين يلابس إنسانا بلغ الغاية في الحسن. ومثله قول الشاعر:

ترى الثياب من الكتان يلمحها ... نور من البدر أحيانا فيبليها


١ ضمن التظليل معنى المنع, فعداه بمن أي: تمنعني من حر الشمس, والمراد بالنفس غلام جميل وأنّث الفعل مراعاة لتأنيث اللفظ.
٢ هو الشريف أبو الحسن, يتصل نسبه بعلي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- وهو شاعر مفلق.
٣ الشاهد في البيت الأخير, وقد سبق شرح مفرداته في موضع آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>