للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيهان:

الأول: ما تقدم من أن القرينة قد تكون أكثر من أمر واحد كما في قول الشاعر المتقدم: "وإن تعافوا العدل والإيمانا"، مبني على جواز تعدد القرينة, وهذا هو الرأي الغالب؛ إذ لا مانع من اعتبار كل واحد قرينة على حدة. ورأي بعضهم عدم جواز تعددها؛ لأن الصرف عن إرادة المعنى الحقيقي إن كان بمجموع الأمور المتعددة, فالقرينة هي تلك الأمور مجتمعة، لا كل واحد منها، وإن كان أحدها كافيا في الصرف عن المعنى الأصلي فلا حاجة لما عداه، فيعتبر تجريدا؛ إذ هو في الاستعارة التصريحية من ملائمات المشبه كما ستعرفه بعد ا. هـ.

الثاني: مما تقدم يعلم أن أثر القرينة في الاستعارة محصور في أمرين: تعيين المعنى المراد، ومنع إرادة المعنى الأصلي. فقولك: "رأيت قمرا يتحدث" استعارة, قرينتها لفظ "يتحدث" وبهذه القرينة تعين المعنى المراد من القمر، وهو "الإنسان الجميل" وامتنع أن يراد المعنى الحقيقي له، وهو "الكوكب المعروف" إذ إن التحدث من شأن الإنسان، لا من شأن القمر.

فإذا انتفت هذه القرينة من الكلام, ولم تدل عليها حال انتفى أثرها المذكور, فلا تعيين للمعنى المراد حينئذ، ولا منع من إرادة المعنى الأصلي, وحينئذ صلح اللفظ لأن يراد به المعنى الأصلي، وأن يراد به المعنى المراد.

أما ما قيل من أنه إذا انتفت القرينة تعينت إرادة المعنى الأصلي, باعتبار أن اللفظ موضوع له, فغير سديد؛ لأن كون اللفظ موضوعا للمعنى لا يوجب استعماله فيه, فقصارى أمره الجواز، لا الوجوب.

اختبار:

١- عرف الحقيقة في اللغة وفي الاصطلاح, مبينا المناسبة بين المعنيين، ثم بين القيود التي في التعريف الاصطلاحي، ومحترز كل قيد، مع التمثيل لكل ما تذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>