للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قامت تظللني من الشمس ... نفس أعز على من نفسي

قامت تظللني ومن عجب ... شمس تظللني من الشمس

وقول الآخر:

لا تعجبوا من بلى غلالته ... قد زر أزراره على القمر

ففي الأول شبه إنسانا جميلا بالشمس، ثم استعار الشمس له، وفي الثاني شبه إنسانا جميلا بالقمر، ثم استعار القمر له، ثم تناسى التشبيه، وتناسى الاستعارة، وبنى الكلام على أن الشمس والقمر حقيقتان, ولولا ذلك ما كان للتعجب "في الأول" ولا للنهي عنه "في الثاني" معنى, على ما سبق من أنه لا معنى للتعجب من أن ذاتا جميلة تظلل إنسانا من الشمس، ولا معنى للنهي عن التعجب من أن ذاتا جميلة تبلى غلالة.

وإذا كان هذا شأن المرشحة, كانت جديرة أن تحل المكان الأول بين أختيها, ويلي المرشحة في القوة الاستعارة المطلقة؛ إذ هي -كما عرفت- ما لم يذكر معها شيء يلائم أحد الطرفين، فهي -وإن خلت مما يقوي تناسي التشبيه، ويدعم دعوى الاتحاد من ذكر ما يلائم المشبه به- ليس فيها ما ينافيهما من ذكر ما يلائم المشبه, وإذا كان هذا حالها كانت خليقة أن تحتل مكانا وسطا بين أختيها: المرشحة، والمجردة.

ومن هنا يبدو لك واضحا أن الاستعارة المجردة في المرتبة الدنيا؛ لاشتمالها على ما يلائم المشبه, إذ هو يتعارض مع ما تقتضيه الاستعارة من تناسي التشبيه ودعوى الاتحاد قضاء لحق المبالغة.

تنبيه:

تقريرا لما سبق من جواز البناء على المشبه به في الاستعارة بذكر أوصاف تلائمه, نقول: إن البناء على المشبه به ليس خاصا بالاستعارة،

<<  <  ج: ص:  >  >>