٢ بل لقد ورد ما هو أبعد من هذا, فقد وقع في بعض أشعار العجم النهي عن التعجب، مع الاعتراف بالمشبه، ومع التصريح بأداة التشبيه. وحاصل كلامهم في ذلك قولهم: لا تعجبوا من قصر ذوائبه, فإنها كالليل ووجهه كالربيع, فمن المعلوم أن المائل إلى القصر في الربيع هو الليل الحقيقي, ولما تنوسي التشبيه، وادعي أن الذوائب هي الليل الحقيقي وأن وجه المحبوب هو الربيع نفسه نهي عن التعجب من قصر الذوائب، فقد بنى على المشبه به مع الاعتراف بالمشبه، ومع التصريح بالأداة. ٣ قيل: إذا كان البناء على المشبه به موقوفا على تناسي التشبيه -كما تقدم- والتناسي ينافيه الاعتراف بالمشبه كان البناء على المشبه به عند ذكر المشبه ممتنعا, فكيف يدعى جوازه؟ أجيب: إن المنافي للبناء على المشبه به إنما هو ذكر المشبه مع الإشعار بأنه باقٍ على أصله من أنه لم يبلغ مرتبة المشبه به، ومجرد ذكر الطرفين لا يشعر بما ذكر, فيتأتى معه تناسي التشبيه، وادعاء اتحاد الطرفين في الحقيقة بدليل حمل أحدهما على الآخر وإلا ما صح الحمل، وهذا إنما يظهر في التشبيه الخالي عن الأداة, وأما عند ذكرها ففيه بعد.