للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنيين كون اليد بمثابة العلة الصورية للقدرة١؛ لأن أكثر ما يظهر سلطان القدرة في اليد إذ بها البطش، والضرب، والقطع، والدفع، وغير ذلك مما يعتبر أثرا من آثار القدرة، وقرينة المجاز قوله: {فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} , إذ لا معنى لكون اليد -بمعنى الجارحة- فوق أخرى، و"اليد" في المثالين الآخرين مجاز مرسل بمعنى النعمة، والعلاقة فيهما كون اليد بمنزلة العلة الفاعلية٢؛ لأن الإعطاء صدر عنها، والقرينة فيهما قولك في أحد المثالين: "جلت"، وقولك في الآخر: "عمت" إذ لا معنى لعظم اليد -بمعنى الجارحة- كما أنه لا معنى لعمومها.

٢- المسببية: هي أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور مسببا عن المعنى المراد، فيطلق حينئذ اسم المسبب، ويراد السبب كما في قولك: أمطرت السماء "نباتا" أي: ماء, فالنبات مجاز مرسل علاقته المسببية؛ لأن المعنى الأصلي للنبات مسبب عن المعنى المجازي الذي هو الماء, وقرينة المجاز قوله: "أمطرت" إذ إن النبات لا يمطر. ومثله قوله تعالى: {يُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} أي: ماء يتسبب عنه الرزق، وكقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} أي: ما لا تتسبب عنه النار، فالعلاقة في الآيتين المسببية، والقرينة في الأولى قوله: {يُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} ، وفي الثانية قوله: {يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ} .

٣- اللازمية ٣: أن يكون المعنى الحقيقي للفظ المذكور لازما للمعنى المجازي, أي: يجب وجوده عند وجود المعنى المجازي، فيطلق حينئذ اسم اللازم، ويراد الملزوم كما في قولك: بزغ الضوء


١ بناء على أن المراد بالقدرة الصفة التي تؤثر في الشيء, فإن أريد بها أثرها فالعلاقة حينئذ السببية.
٢ إنما لم تكن علة فاعلية حقيقة؛ لأن العلة الفاعلية في الحقيقة هي الإنسان, واليد آلة للإعطاء.
٣ المعتبر هنا اللزوم الخاص, وهو عدم الانفكاك لا مطلق ارتباط.

<<  <  ج: ص:  >  >>