للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تريد "الشمس"، فالضوء مجاز مرسل علاقته اللازمية؛ لأن المعنى الحقيقي للضوء لازم للمعنى المراد الذي هو "الشمس", إذ يلزم من وجود الشمس وجود الضوء, والقرينة قوله: "بزغ"؛ لأن البزوغ وصف لجرم الشمس، لا للضوء. ومثله قولك: نظرت إلى الحرارة أي: إلى النار, ففي الحرارة مجاز مرسل علاقته اللازمية؛ لأن الحرارة توجد حتما عند وجود النار, والقرينة قوله: "نظرت"؛ لأن الحرارة لا ترى بالباصرة.

٤- الملزومية: هي أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور ملزوما للمعنى المجازي, أي: يلزم من وجوده المعنى المجازي فيطلق حينئذ اسم الملزوم, ويراد اللازم كما تقول: "دخلت الشمس من الكوة"١ تريد: دخل الضوء, فالشمس مجاز مرسل علاقته الملزومية؛ لأن المعنى الحقيقي للشمس ملزوم للمعنى المراد الذي هو الضوء، والقرينة قوله: "دخلت" فهو وصف للضوء، لا للجرم المعروف, كما لا يخفى. ومثله: "ملأت الشمس الغرفة" يريد: ملأ الضوء الغرفة, ففي الشمس مجاز مرسل علاقته الملزومية، والقرينة "ملأت".

٥- الكلية: هي أن يكون المعنى الأصلي المذكور كلا متضمنا للمعنى المجازي، فيطلق اسم الكل، ويراد الجزء كما في قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ} أي: يجعلون أناملهم، ففي {أَصَابِعَهُمْ} مجاز مرسل علاقته الكلية؛ لأن المعنى الأصلي للأصابع كل للأنامل، متضمن لها, وقرينة المجاز استحالة وضع الإصبع كلها في الأذن عادة. ومثله قولك: "أكلت نبات الأرض، وشربت ماء النيل" ففي نبات الأرض، وماء النيل مجاز مرسل علاقته الكلية, إذ قد أطلق اسم الكل وهو النبات أو الماء، وأريد الجزء أي: بعضه، والقرينة في الأول "أكلت"، وفي الثاني "شربت" لاستحالة أكل الكل, أو شربه.


١ الكوة -بفتح الكاف, وقد تضم- الفتحة في الحائط.

<<  <  ج: ص:  >  >>