للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨- المحلية: هي أن يذكر اسم المحل، ويراد الحال عكس السابق كما في قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} ١ أي: أهل ناديه، ففي {نَادِيَهُ} مجاز مرسل علاقته المحلية؛ لأن النادي محل لأهله, والقرينة قوله: {فَلْيَدْعُ} لاستحالة دعاء النادي بمعناه الحقيقي. ومثله قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهل القرية, ففي {الْقَرْيَةَ} مجاز مرسل علاقته المحلية؛ لأن القرية بمعناها الحقيقي محل لساكنيها، وقرينة المجاز قوله: {وَاسْأَلِ} لاستحالة سؤال القرية بمعناها الأصلي. ومنه قولهم: أمليت القلم من "الدواة" أي: من المداد, ففي "الدواة" مجاز مرسل علاقته المحلية؛ إذ إن الدواة محل للمداد, فقد أطلق اسم المحل وأريد الحال وهو المداد, والقرينة قوله "أمليت". وكما تقول: انصرف "المعهد" أي: طلابه, فقد ذكر اسم المحل وأريد الحال, وكل هذه الأمثلة على أحد احتمالين٢.

٩- الآلية: هي أن يطلق اسم الآلة، ويراد أثرها الناتج عنها كما في قوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ} أي: ذكرا صادقا، وثناء عطرا فيمن يأتي بعدي من الأمم. ففي {لِسَانَ صِدْقٍ} مجاز مرسل علاقته الآلية؛ لأن اللسان بمعناه الحقيقي آلة، وواسطة للذكر الحسن الذي هو المعنى المراد, والقرينة قوله: {فِي الْآَخِرِينَ} لاستحالة بقاء هذه الجارحة بمعناها الأصلي فيمن يأتي من الأمم بعد. وكما في قوله تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} أي: بلغتك، ومثله قول الشاعر:

"أتاني لسان منك لا أستسيغه"

أي: ذكر لا يسر, أطلق عليه اللسان مجازا مرسلا؛ لأنه آلة الذكر، وقرينته قوله: "أتاني" لاستحالة إتيان اللسان بمعناه الحقيقي.

١٠- اعتبار ما كان، أي: تسمية الشيء باسم ما كان عليه قبل


١ نادي القوم: مجتمعهم كالمنتدى.
٢ والاحتمال الآخر أن تكون من قبيل المجاز بالحذف, أي: على تقدير مضاف, فلا يكون في الكلام تجوز في المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>