للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دليل, وما كان مؤيدا بدليل أبلغ وآكد مما لم يدعم بدليل، فثبت أن المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة التصريح.

ووجه أبلغية الاستعارة على التشبيه هو أن الاستعارة نوع من المجاز، مبني على دعوى اتحاد المشبه والمشبه به، والتشبيه نوع من الحقيقة بناء على القول الراجح, وقد ثبت أن المجاز أبلغ من الحقيقة، على ما بينا.

ووجه أبلغيتها على المجاز المرسل ما فيها من دعوى الاتحاد لفظا ومعنى؛ أما لفظا فلإطلاق لفظ المشبه به على المشبه، وأما معنى فلإدخال المشبه في جنس المشبه به، واعتباره فردا من أفراده، بخلاف المجاز المرسل نحو: أمطرت السماء نباتا، فإن فيه دعوى الاتحاد لفظا فقط من حيث إطلاق اللفظ على المعنى الثاني. أما الاتحاد في المعنى فغير موجود فيه, إذ ليس بين المعنيين "كالماء والنبات" في المثال المذكور تشابه ما حتى يدعى اتحادهما.

ووجه أبلغيتها على الكناية من جهتين:

"الأولى": أن في الاستعارة جمعا بين كناية واستعارة من حيث إن فيها انتقالا من الملزوم "كالأسد" إلى اللازم "كالشجاع"، كما ينتقل في الكناية من "طول النجاد" مثلا إلى طول القامة، ومن حيث إن فيها استعمال اللفظ في غير المعنى الموضوع له لعلاقة المشابهة.

"الثانية": أنها مجاز قطعا بخلاف الكناية, ففي مجازيتها خلاف بين علماء البلاغة مبسوط في محله، فارجع إليه إن شئت.

تنبيه:

ليس معنى الأبلغية في هذه الثلاثة أنها تفيد زيادة في أصل المعنى، لا يفيدها غيرها, إنما المراد أنها تفيد تأكيدا لإثبات المعنى لا يوجد في سواها.

<<  <  ج: ص:  >  >>