للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليست فضيلة قولنا: "رأيت قمرا" على قولنا: رأيت وجها لا يتميز عن القمر في إشراقه, وبهائه من حيث إن الأول أفاد زيادة في مساواة الوجه للقمر في إشراقه لم يفدها الثاني, إذ إن التركيبين في إفادة هذا المعنى سواء. إنما مزية الأول على الثاني من حيث إن الأول أفاد تأكيدا وتقريرا لإثبات معنى المساواة، دون الثاني؛ لما في التركيب الأول من دعوى الاتحاد، والتعبير عن المشبه بلفظ المشبه به، ودلالة دعوى الاتحاد على معنى المساواة كما في التركيب الأول أبلغ من التنصيص على المساواة كما في التركيب الثاني.

كذلك ليست فضيلة قولنا: "محمد طويل النجاد" على قولنا: محمد طويل القامة, من جهة أن التركيب الأول أفاد زيادة في معنى الطول لم يفدها الثاني, فالتركيبان في ذلك سواء, إنما ميزة الأول على الثاني من ناحية أن الأول أفاد تأكيدا, وتقريرا لإثبات معنى الطول دون الثاني؛ لما في التركيب الأول من الدعوى المستندة إلى دليل -كما بينا سابقا- ودلالة دعوى "الشيء" مؤيدة بدليل كما في التركيب الأول أبلغ من التنصيص عليه, غفلا عن الدليل كما في التركيب الثاني, يدرك ذلك صاحب الذوق السليم ا. هـ.

هذا, والاستعارة التمثيلية أبلغ أنواع الاستعارة؛ لأنها إنما تكون في الهيئات المنتزعة من أمور متعددة, فهي كثيرة الاعتبارات والملاحظات، لا يوفق فيها إلا من أوتي حسن روية، وبعد نظر. ويليها في الأبلغية الاستعارة المكنية؛ لاشتمالها على المجاز العقلي في قرينتها, أما التصريحية ففي المرتبة الثالثة.

نموذج في التطبيق على جميع ما مر من قواعد علم البيان:

وفي يده الصمصام تحكي شباته ... نواجذ أفواه المنايا القواضب١


١ الصمصام والصمصامة: السيف لا ينثني, وشباته: حده، والنواجذ: الأضراس والأنياب مفرده ناجذة، والقواضب: القواطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>