للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجواب: شبه الشاعر حد الحسام المرهف بنواجذ المنايا, ووجه الشبه المضاء والنفاذ، وهو أمر عقلي، والطرفان حسيان، وأداة التشبيه قوله: "تحكي"، وهي من الأدوات التي يليها المشبه، والتشبيه تحقيقي؛ لأن الوجه محقق في الطرفين وهو غير تشبيه تمثيل؛ لأن الوجه شيء واحد، لا مركب، وهو مفصل لحذف وجه التشبيه، ومرسل لذكر الأداة، والغرض بيان مقدار حال المشبه، وأنه بلغ من قوة مضائه ونفاذه بحيث لا يرد له حكم. وفي "المنايا" استعارة بالكناية؛ شبهت المنايا بالسبع بجامع الاغتيال، واستعير لفظ المشبه به للمشبه، ثم حذف ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو "نواجذ" على سبيل الاستعارة المكنية، ولفظ "أفواه" ترشيح لملاءمته للمشبه به الذي هو المستعار منه، وهي أصلية؛ لأن اللفظ المستعار اسم جنس، وقرينتها إثبات النواجذ للمنايا، وهذا الاثبات استعارة تخييلية. ودونك القياس على ذلك فيما يأتي من الأبيات:

كأن عيون النرجس الغض حولنا ... مداهن در حشوهن عقيق

هرب النوم عن جفوني فيها ... هرب الأمن عن فؤاد الجبان

سالت عليه شعاب الحي حين دعا ... أنصاره بوجوه كالدنانير

والسحب تلعب بالبروق كأنها ... قار على عجل يقلب مصحفا

ازرع جميلا ولو في غير موضعه ... فلا يضيع جميل أينما زرعا

إذا ما الدهر جر على أناس ... كلاكله أناخ بآخرينا

ونار لو نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد

<<  <  ج: ص:  >  >>