للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فالمرجع في هذين لم يتقدم لفظا، ولا معنى، وكان حقه أن يتقدم؛ لأن وضع الضمير على أن يعود على متقدم، وإنما أخر لنكتة هي البيان بعد الإبهام لهذا كان المرجع في حكم المتقدم.

إذا علمت هذا فاعلم أن نكتة إيراد المسند إليه ضميرا هي أن يكون الحديث في أحد المقامات الثلاثة الآتية: مقام التكلم، مقام الخطاب، مقام الغيبة.

فإذا كان المتكلم هو المحدث عن نفسه كان المقام للتكلم، فينبغي أن يقول "أنا"، وإذا كان يخاطب إنسانا أمامه كان المقام للخطاب، فينبغي أن يقول "أنت"، وإذا كان يخبر عن غائب كان المقام للغيبة، فينبغي أن يقول "هو", فمثالي الأول قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" وكقول بشار بن برد:

أنا المرعث لا أخفى على أحد ... ذرت بي الشمس للقاصي وللداني١

يصف نفسه بأنه ذائع الصيت، واضح الأمر، يعرفه كل من يراه لشهرته.

ومثال الثاني قول الشاعر:

وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشمت بي من كان فيك يلوم

ومثال الثالث قول الشاعر:

من البيض الوجوه بنو سنان ... لو أنك تستضيء بهم أضاءوا


١ الرعثة بضم الراء القرط يعلق بشحمة الأذن, ولقب بشار بالمرعث لرعثة كانت له في صغره به، وذرت الشمس طلعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>