للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، أو كأن يكون المسند إليه مختصا بحكم بديع, فإن تمييزه بالإشارة حينئذ أعون على كمال المدح، أو على كمال التنويه بمن اختص بذلك الحكم الغريب, مثال الأول قول ابن الرومي الشاعر العباسي:

هذا أبو الصقر فردا في محاسنه ... من نسل شيبان بين الضال والسلم١

يمدح الشاعر هذا الرجل بأنه فذ في خلقه وخلقه، لا يدانيه فيهما أحد، وأنه سليل قوم ذوي شمم وإباء، إذ يسكنون البوادي٢، وهي لا تخضع لسلطان حاكم، ولا تدين لسلطة قانون, والشاهد فيه قوله: "هذا أبو الصقر" حيث عبر عن المسند إليه باسم إشارة لقصد تمييزه كاملا اقتضاه مقام المدح إذ وصفه بالانفراد في الحسن، وبالعزة والمنعة, ومثله قول الحطيئة:

أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا


١ "أبو الصقر" خبر عن اسم الإشارة أو بدل منه أو عطف بيان، "وفردا" منصوب على المدح أو على الحال من الخبر وسوغ مجيء الحال منه كونه مفعولا في المعنى لمعنى اسم الإشارة أو لمعنى ها التنبيه لتضمن كل منهما معنى الفعل, وهو أشير أو أنبه أي: أشير إليه أو أنبه عليه حال كونه منفردا بالمحاسن على حد قوله تعال {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} و"من نسل شيبان" حال ثانية من صاحب الحال الأول، أو خبر ثان ذكر بيانا لنسبه بعد ذكر حسبه "وشيبان" اسم قبيلة، وبين الضال والسلم حال من نسل شيبان وهو الأوجه "والضال" بتخفيف اللام جمع ضالة, وهو شجر السدر "والسلم" جمع سلمة بالتحريك وهو شجر ذو شوك عظيم يسمى شجر العضاة.
٢ يحتمل أن يكون المراد بالوصف بسكنى البادية الإشارة إلى وصفهم بكمال البلاغة والفصاحة, من حيث إنهم لا يخالطون طوائف العجم؛ فلغاتهم سليمة نقية لا تشوبها عجمة, غير أن المعنى الأول أولى أن يكون مرادا تصديقا لقول المعري....
لا يحضرون وفقد العز في الحضر

<<  <  ج: ص:  >  >>