للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} قاله أبو جهل قبحه الله مشيرا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لقصد إهانته "في زعمه" لعنة الله عليه, ومثله قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ} .

ووجه دلالته على التحقير هو أن الحقير عادة لا يمتنع على الناس، بل يكون قريب الوصول إليه، سهل التناول، مبتذلا، واقعا بين أيديهم وأرجلهم، فتحقيره حينئذ يناسبه القرب المكاني على هذا التقدير.

٦- أن يقصد تعظيم المسند إليه بالبعد تنزيلا لبعد درجته، وعلو مرتبته منزلة بعد المسافة، ويعبر عنه حينئذ باسم الإشارة الموضوع للبعيد للدلالة على قصد التعظيم كما في قوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} لم تقل "هذا" مع أنه كان حاضرا في المجلس رفعا لمنزلته في الحسن, ومثله في قوله تعالى: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} فالإشارة فيه "بذلك" لقصد تعظيمه وأنه بعيد المنزلة.

ووجه دلالته على ذلك أن العظيم عادة يتأبى على الناس، ويبعد عنهم لعزته ورفعة شأنه، فتعظيمه حينئذ يناسبه البعد المكاني على هذا الاعتبار.

٧- أن يقصد تحقير المسند إليه بالبعد تنزيلا لبعده عن ساحة عز الحضور والخطاب منزلة بعد المسافة، ويعبر عنه حينئذ باسم الإشارة الموضوع للبعيد للدلالة على التحقير، كما تقول لحاضر مجلسك: "ذلك الرجل وشى بي عند الأمير". ومنه قوله تعالى: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} .

ووجه دلالته على ذلك هو أن الحقير عادة شأنه ألا يلتفت إليه، ولا يعرض للخاطر لنفرة النفس منه. فتحقيره حينئذ يناسبه البعد المكاني على هذا التقدير.

فائدة: علمت أن "ذلك" موضوع للبعد المحس بحاسة البصر, وقد يشار به للغائب عن حاسة البصر, سواء كان ذاتا أو معنى تنزيلا

<<  <  ج: ص:  >  >>