للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- أن يقصد بيان حال المسند إليه من القرب، أو البعد، أو التوسط فيقال: "هذا" لمشار إليه قريب، ويقال: "ذلك" لمشار إليه بعيد، ويقال "ذاك" لمشار إليه في مكان وسط، لا هو بالقريب ولا بالبعيد.

غير أنه قيل: إن كون "هذا" للقريب، وذلك للبعيد، وذاك للمتوسط بحث خاص بعلماء اللغة؛ لأنهم إنما يبحثون في المعاني اللغوية، فلا ينبغي أن يتناوله بحث علماء المعاني؛ لأنهم إنما يبحثون في المعاني الزوائد على أصل المعنى الذي هو ثبوت الحكم للمسند إليه أيا كان حاله.

والجواب: أن لأسماء الإشارة جهتين, فاللغة تبحث فيها من جهة معانيها الوضعية أي: من حيث إن "هذا" موضوع للقريب، و"ذلك" موضوع للبعيد، "وذاك" موضوع للمتوسط, وعلم المعاني يبحث فيها من جهة المعاني الثانوية أي: من جهة أنه يؤتى "بهذا" إذا قصد بيان قرب المشار إليه بأن كان المقام يقتضي ذلك، ويؤتى "بذلك" إذا أريد بيان بعد المشار إليه لاقتضاء الحال إياه وهكذا, فالبحث فيها عند علماء اللغة من حيث الوضع، وعند علماء المعاني من جهة اقتضاء الحال لها، فوضح الفرق بينهما.

٤- أن يقصد تعظيم المسند إليه بالقرب تنزيلا لقربه من النفس، ومخالطته للروح منزلة قرب المسافة، ويعبر عنه حينئذ باسم الإشارة الموضوع للقريب تحقيقا لهذا الغرض كما في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} .

ووجه دلالته على التعظيم هو أن المحبوب يكون عادة مخالطا للنفس، حاضرا في الذهن، لا يغيب عن الخاطر، فتعظيمه حينئذ يناسبه القرب المكاني على هذا الاعتبار.

٥- أن يقصد تحقير المسند إليه بالقرب تنزيلا لدنو منزلته، وانحطاط مرتبته منزلة قرب المسافة، ويعبر عنه حينئذ باسم الإشارة الموضوع للقريب تحقيقا لهذا الغرض كما في قوله تعالى: {أَهَذَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>