للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول هو: أن الحكم بأشملية استغراق المفرد ليس على عمومه كما هو ظاهر العبارة، وإنما هو خاص بالنكرة المنفية -كما مثلنا- أما في المعرف باللام فالجمع والمفرد سواء في الاستغراق الشامل بحيث يتناول كل واحد من الأفراد، وليس أحدهما بأوسع استغراقا من الآخر.

مثال الجمع المحلى بأل قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} ، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ، فالاستغراق في هذه الجموع شامل كل فرد، ونحو قولك: "أحب المسلمين إلا زيدا" فإن المراد كل فرد من أفراد المسلمين لا كل جمع، وإلا قيل في الاستثناء إلا الجمع الفلاني.

ومثال المفرد المعرف بأل قولك: "المؤمن جدير بالاحترام، أي: كل مؤمن, وقد اجتمعا في قوله عليه الصلاة والسلام: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده أي: كل فرد ممن يصدق عليه "مسلم" هو من يسلم من شره جميع أفراد المسلمين.

وأجيب بأن الحكم المذكور عام البتة أي: إن المفرد أشمل استغراقا من الجمع مطلقا١ وكون الجمع المحلى بأل مساويا للمفرد في الشمول فذلك لأن "أل" الجنسية حينما تدخل عليه تبطل منه معنى الجمعية، ويصير معناه مفردا فإفادته للشمول حينئذ إنما جاءت من ناحية إفراد معناه, أما على تقدير بقاء الجمع على معناه الأصلي, وهو ما مشى عليه الخطيب تبعا لعلماء المعاني, فإن استغراق المفرد حينئذ يكون أشمل.

وقيل في الجواب: إن القضية المذكورة خاصة بالنكرة المنفية بدليل اقتصارهم على التمثيل بها في معرض البيان, فالاعتراض مدفوع من أصله.

الاعتراض الثاني هو: أن المفرد ما قابل المثنى والجمع، فمعناه حينئذ واحد لا تعدد فيه، وأن أداة الاستغراق الداخلية عليه تفيد تعدده، ومحال أن يكون الشيء الواحد متعددا غير متعدد في آن واحد لتنافيهما


١ أي: سواء كان نكرة منفية أو محلى بأل.

<<  <  ج: ص:  >  >>