للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمدلولات الألفاظ فيهما. كأن تقول مثلا: "نشر فم محمد كنفح الطيب" ثم تقول: "ريح ثغر محمد كأريح العطر، فمثل هذا أيضا ليس من مباحث علم البيان، لأن التركيبين متماثلان في وضوح الدلالة على المعنى، والاختلاف فيهما إنما هو في اللفظ والعبارة فقط -والشرط أن يكون الاختلاف في وضوح الدلالة على المعنى كما سبق.

الدلالة العقلية:

هي أن يدل اللفظ على جزء المعنى الموضوع له، أو على لازم معناه فالأول كدلالة لفظ "إنسان" على الحيوان، أو على الناطق، وتسمى هذه الدلالة: "تضمنية" لأن الحيوان أو الناطق جزء معنى الإنسان، وداخل في ضمنه والثاني كدلالة لفظ "إنسان على الضاحك، وكدلالة لفظ "أسد" على الجرى، ودلالة لفظ "حاتم" على الجود -وتسمى هذه الدلالة: "التزامية" لأن الضحك ليس معنى الإنسان، ولا جزء معناه، وإنما هو أمر خارج عن معناه لازم له، وكذلك الجرأة للأسد، والجود لحاتم، فكلاهما لازم للمعنى الموضوع له.

غير أن البيانيين اصطلحوا على تسمية كل من التضمنية والالتزامية "عقلية" لأن دلالة اللفظ على جزء معناه، أو على لازم هذا المعنى متوقفة على أمر عقلي هو أن وجود الكل، أو الملزوم يقتضي عقلا وجود الجزء أو اللازم.

هذا: والدلالة العقلية بنوعيها هي المقصود بالبحث في هذا لافن إذ هي التي يتأتى بها الاختلاف في الوضوح الذي هو موضوع هذا الفن.

ثم إن الغرض من معرفة هذا الإيراد: أن يحترز المتكلم عن الخطأ في تأدية الكلام، بحيث لا يورد من الكلام ما يدل على مقصوده دلالة خفية، عند اقتضاء المقام دلالة واضحة كأن يكون المخاطب غبيا، أو دلالة واضحة، عند اقتضاء المقام دلالة خفيةن كالخطاب مع الذكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>