للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في إقباله وإدباره -أشبه الأشياء بجلمود صخر دفعه السيل من مكان عال. والحجر بطبعه يطلب جهة السفل، فإذا ما قذفته قوة دافعة، كان له عند سقوطه حركات سريعة، مختلفة الجهات.

والثاني: وهو ن ينتزع الوجه المركب الحسي من هيئة سكون الجسم -ضربان كذلك.

١- أن يراعي مع هيئة السكون شيء من أوصاف الجسم، فيكون الوجه منزعا من مجموع الأمري: سكون الجسم، وشيء من أوصافه كما في قول الشاعر يصف مصلوبا:

كأنه عاشق قد مد صفحته ... يود الوداع إلى توديع مرتحل

أو قائم من نعاس فيه لوثته ... مواصل لتمطيه من الكامل١

فوجه الشبه -في البيت الأول- متنزع من هيئة سكون عنق المطلوب وصفحته ويديه حالا امتدادها، مع اصفرار الوجه- فقد روعي مع هيئة السكون المذكورة: اصفرار اللون بالموت، وهو من أوصاف الجسم، وتلك هي حال العاشق الماد عنقه، وصفحته، ويديه مفتوحتين عند توديع معشوقه -ووجه الشبه- في البيت الثاني- منتزع من هيئة السكون السابقة، مع اصفرار الوجه أيضا واسترخاء الجسم- فقد اعتبر مع هيئة السكون المذكورة وصفان من أوصاف الجسم: اصفرار اللون، والاسترخاء، وتلك هي حال القائم من النعاس متمطيا، مواصلا تمطيه، لما به من لوثة الكسل.


١ "الصفحة" باطن الكف أو جانب الوجه، والمراد أحد الأمرين، و"اللوثة" بضم اللام: الاسترخاء والتمطي، وهو ما يحدث عادة عقب الانتباه من النوم: مد الجسم وإطالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>