للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- ألا يراعي مع هيئة السكون شيء من أوصاف الجسم، فيكون الوجه منتزعا من هيئة السكون وحده -ولا بد في الضرب أيضا من تعدد أفراد هيئة السكون ليتحقق معنى التركيب في الوجه كما في قول المتنبي يصف كلب صيد حال جلوسه

يقعي جلوس البدوى المصطلى ... بأربع مجدولة لم تجدل١

فوجه الشبه منتزع من هيئة مواقع الأعضاء في إقعاء الكلب، وفي جلسة البدوى المصطلى إذ يكون لكل عضو في الإقعاء، وفي الجلوس للاصطلاء موقع خاص، وللمجموع هيئة خاصة مؤلفة من تلك المواقع، ولم يراع في انتزاع الوجه شيء وراء ذلك من أوصاف الجسم- كما ترى- ومنه قول ابن الرومي يصف مصلوبا:

كأن له في الجو حبلا يبوعه ... إذا ما انقضى حبل أتيح له حبل٢

فإن وجه الشبه أيضا منتزع من هيئة مواقع الأعضاء في المصلوب، وفيمن صعد إلى مكان، يقيس بباعه حبلا أثر حبل، دون أن يراعي شيء من أوصاف الجسم.

اختبار:

١- مثل لتشبيهين يكون وجه الشبه في أحدهما مفردا حسيا وفي الآخر مفردا عقليا.


١ "يقعي" من الإقعاء وهو الجلوس على الإليتين، "والمصطلي" المستدفئ بالنار، وقوله: "بأربع" يريد يديه ورجليه ومجدولة" محكمة الخلق، "ولم تجدل" أي لم يجدلها إنسان، والغرض: مدح الكاتب بشدة الحرص.
٢ "يبوعه" يقيسه بالباع، وقوله: "إذا ما انقضى حبل أتيح له حبل" نظير قول الشاعر السابق: "مواصل لنمطيه من الكسل" في الدلالة على استدامه المشبه بالمصلوب لأنه إذا كان يبوع حبلا بعد حبل من غير توقف لم يقبض باعه ولم يرسل يده، وفي ذلك بقاء للمشبه بالمصلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>