أما أخبار الممسوخين التي رواها أصحاب السنن والمسانيد فهي صحيحة، فمنها ما أخرجه النسائي في سننه ٧/ ١٩٩ كتاب الأطعمة باب أكل الضب، وأبو داود في سننه برقم (٣٧٩٥) كتاب الأطعمة باب أكل الضب، وأحمد في المسند ٤/ ٣٢٠، وثبت في التنزيل مسخ الله تعالى الذين اعتدوا في السبت بالصيد قردة. وخبر المصنف رحمه الله تعالى مجرد جمع للمسوخين بلا تنقيب عن كل ممسوخ، وما روي بشأنه من أحاديث، فهو بهذا اللفظ يوهم بل ويدل بدلالة مفهومة أن هذه الكائنات الثلاثون الممسوخة هي ونسلها للآن كانت بشرا ومسخت ويعضده دلالة مفهوم امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الضباب حين وضعت وأكلت على سفرته صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى باطل بدليل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «ما مسخ أحد قط فكان له نسل ولا عقب»، قال ابن كثير عند تفسير آية مسخ المعتدين في السبت عاشوا ثلاثة أيام وكانوا يتزاورون أي يزور كل ممسوخ أقاربه للاعتبار ثم ماتوا، وهذا الحديث أخرجه الطبراني في الكبير برقم (٧٤٦) عن أم سلمة وأبو نعيم في تاريخ أصبهان ٢/ ٢٤٨، وذكره السيوطي في الكنز برقم (٢٠٠٢٤) وعزاه للطبراني عن أم سلمة. وعلى هذا فجميع الحيوانات والطيور الموجودة الآن ليس فيها فرع أصله ممسوخ مطلقا، وإنما مسخ الله بعض عصاة الإنس على مثال بعضها وشاكلته، وعلى هذا يكون امتناع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضباب لا لكونه فرع لأصل ممسوخ، ولكنه لمجرد التحرج من أكل شيء لم يعهده، ولأنه كان مكلفا بتحري أكمل وجوه الشريعة.