للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنة ست وخمسين وأربعمائة: وقع الوباء، وبلغ الرطل من التمر هندي أربعة دنانير (١).

وفي سنة اثنتين وستين وأربعمائة: اشتد الجوع والوباء بمصر، وبيع اللوز والسكر وزنا بوزن الدراهم، والبيضة بعشرة قراريط، وخرج وزير صاحب مصر (٢)، ونزل عن بغلته فأخذها ثلاثة نفر، فأكلوها، فصلبوا، فأصبح الناس لا يرون إلا عظامهم وقد أكلوا (٣).

وفي سنة أربع وستين وأربعمائة: وقع الموت في الدواب، حتى أن راعيا قام وقت الصباح إلى الغنم يسوقها، فوجدها موتى كلها (٤).

قلت: وفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة: شاهدنا الطاعون الجارف على الحقيقة، واستمر إلى نصف سنة خمسين، طاف جميع الأرض، وابتدأ من أدنى أقطار بلاد المشرق، ومر إلى أن انتهى أقصى أقطار بلاد المغرب من جهة الجنوب، ثم سار في الشمال إلى أن انتهى أقصى المشرق، وبالجملة أنه طاف جميع الأرض، وكان يموت بمصر أياما كل يوم نيف وسبعون ألفا، ومات


(١) كذا ورد عند ابن الجوزي في المدهش ص ٦٥.
(٢) صاحب مصر هو: المستنصر بالله معد، أبو تميم العبيدي، حكم مصر من سنة ٤٢٧ - ٤٨٧ هـ‍، وكان وزيره في سنة ٤٦٢ هو: أبو عبد الله الماسكي. انظر: ابن تغري: النجوم ٥/ ١ - ٣،٨٣.
(٣) كذا ورد عند ابن الجوزي في المدهش ص ٦٦، وفي المنتظم ١٦/ ١١٨ وتؤل عبارة المصنف أن الثلاثة المصلوبين أصبحوا «وقد أكلوا» بأن يحمل ذلك على أنهم أصبحوا وقد أكلت لحومهم سباع الحيوان والطير. وقد بالغ ابن الجوزي حين نقل عبارة المؤرخين عن حادثة سبقته بثلاثة قرون بلا إسناد فنقل عبارتهم بلا تمحيص، والصواب أن ذلك يخرج من باب مبالغات المؤرخين في وصف شدة المجاعة، ومعلوم أن أكل لحوم الإنسان ممنوع شرعا تحت أي ظروف غير واقع في تاريخ الاسلام، وقد صح أن الصحابة أكلوا لحاء الشجر والهلعز حين كانوا في أيام الحصار بشعب أبي طالب. والفقهاء مجمعون على إباحة أكل الميتة من المأكول لحمه من الحيوان والطير وما لا يضر أكله من النبات عند الضرورة، أما أكل لحم الإنسان فممنوع.
(٤) كذا ورد عند ابن الجوزي في المدهش ص ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>