للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديد، واضطربت قناديل المسجد وسمع لسقف المسجد صرير، وتمت الزلازل إلى يوم الجمعة ضحى، ثم انبجست الأرض بنار عظيمة من واد يقال له أحيليين (١) - بينه وبين المدينة نصف يوم - ثم انبجست من رأسه في الحرة الشرقية من وراء قريظة على طريق السوارقية (٢)، ثم ظهر لها دخان عظيم في السماء ينعقد حتى يبقى كالسحاب الأبيض، وللنار ألسن حمر صاعدة في الهواء، وبقي الناس في مثل ضوء القمر وصارت النار على قدر المدينة العظيمة وما ظهرت إلا ليلة السبت، وكان اشتعالها أكثر من ثلاث منائر، وهي ترمي بشرر كالقصر، وشررها صخر كالجبال، وسال من هذه النار واد يكون مقداره خمسة فراسخ وعرضه أربعة أميال وعمقه قامة ونصف، وهو يجري على وجه الأرض [وتخرج] (٣) منه أمهاد وجبال تسير على وجه الأرض، وهو صخر يذوب حتى يصير كالآنك (٤) فإذا جمد صار أسود، وقبل الجمود لونه أحمر، وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد، وسالت من أحيليين نار تنحدر مع الوادي إلى الشظاة والحجارة تسير معها حتى عادت تقارب حرة العريض، ثم وقفت أياما تخرج من النار ألسن ترمي بحجارة خلفها وأمامها حتى نبت لها جبل، ولها كل يوم صوت من آخر النهار، ورؤي ضوء هذه النار من مكة ومن الينبع (٥) ولا ترى الشمس والقمر من يوم ظهور النار


(١) وادي أحيلين: بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة، ثم مثناة تحتية ثم لام ومثناتين، في شرق المدينة على طريق السوارقية. انظر: السمهودي: وفاء الوفا ص ١٣٢٧.
(٢) السوارقية: بفتح أوله وضمه، قرية أبي بكر الصديق، وكانت لبني سليم، وهي بين مكة والمدينة. انظر: ياقوت: معجم البلدان ٣/ ٢٧٦، الفيروز ابادي: المغانم ص ١٨٩.
(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).
(٤) الآنك: هو الرصاص القلعي أو القصدير. انظر: ابن منظور: اللسان مادة «أنك».
(٥) ينبع: بالفتح ثم السكون والباء الموحدة المضمومة، من عمل المدينة على سبع مراحل. انظر: ياقوت: معجم البلدان ٥/ ٤٤٩، الفيروز ابادي: المغانم ص ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>