للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاة تلك الشهادات، بايع الإمام أحمد بالخلافة، فتبعه السلطان بيبرس مبايعا له على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، وأخذ أموال المسلمين بحقها، وصرفها في مستحقها، ثم تلاه جميع الحضور مبايعين، ولقب بلقب أخيه «المستنصر بالله» ولما تمت البيعة، قلد الخليفة السلطان بيبرس «البلاد الأسلامية وما يضاف إليها، وما سيفتحه الله على يديه من بلاد الكفار»، فكتب السلطان بذلك إلى نوابه بجميع المماليك، وطلب منهم مبايعة الخليفة، والخطبة باسمه على المنابر، كما نقش اسمه على العملة معه، وتلقب «بقسيم أمير المؤمنين» (١).

وهكذا تحقق للسلطان بيبرس ما أراد من تثبيت دعائم ملكه، وإحاطة سلطنته بهالة من العظمة والهيبة داخل مصر وخارجها بوصفه سلطانا شرعيا من ناحية، وتحويل مصر من مجرد سلطنة تابعة للخلافة إلى مركز لها يوجه العالم الإسلامي من ناحية أخرى.

ويبدو أن سلطان مصر قد تخوف من إقامة الخليفة بجانبه في مصر بوصفه صاحب السلطة الدينية التي تتعلق بها قلوب الكافة، فعمل على التخلص من ممثل تلك السلطة - بعد أن حقق لنفسه ما أراد - فأغرى الخليفة بالخروج إلى بغداد بزعم استرجاعها من التتار، ولم يصحبه سوى ثلثمائة فارس في مسيره لمحاربة التتار في معركة غير متكافئة بعد


(١) انظر: ابن عبد الظاهر: الروض ص ١٠٠، الذهبي: العبر ٥/ ٢٥٨،٢٥٩، السيوطي: حسن المحاضرة ٢/ ٥٣، تاريخ الخلفاء ص ٤٧٧، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٢٩٧، غير أن أبا الفدا، وابن أبي الفضائل قد شككا في صحة نسب الخليفة المستنصر. انظر: المختصر ٤/ ٨، والنهج السديد ص ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>