للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن ينزل هذا القصر إلا الملك الأعظم ومن يستحق اسم تبع من ملوك حمير، فحبس النعمان/وأمه عنده فماتت أم النعمان وشب الصبي، وكان عليه الحرس، فاحتال الحرس في تسييبه، فخرج النعمان وجمع ولاقى ذو رباش، فاستأسر ذو رباش، وحبسه في غمدان، وسمي النعمان المعافر لقوله:

إذا أنت عافرت الأمور بقدرة … بلغت معالي الأقدمين المقاول

وأخذ النعمان أرض بابل ومعه ذو رباش، وسار إلى خراسان، فلما بلغ صحراء (١) مرو، فرأى عامر ذو رباش حيّة رقشاء (٢)، فعرك ذنبها وأعطاها ذراعه فلدغته، فهلك، ثم عبر النعمان الفرات إلى أرمينية، فأخذها، ثم عبر قنطرة سنجة (٣) إلى الشام، ثم إلى عكة، ثم إلى غمدان، فكان عمره في الملك ثلثمائة.

وكان النعمان تبعا متوجا، ولما مت قال لبنيه: لا تضجعوني فينضجع ملككم، ادفنوني قائما فلا يزال ملككم قائما، ففعلوا، فلما كان في خلافة سليمان بن عبد الملك فتحت مغارة باليمن، فأصابوا منها مالا جسيما، ووجدوا سارية من رخام قائمة قد ختم رأسها بالرصاص، ففتحت، فأصابوا فيها شيخا قائما وعلى رأسه لوح من ذهب مكتوب بالحميرية: أنا المعافر بن يعفر بن مضر لست إلى ذي يمن مقرا سموا بجدي مضر باسق فرعي وصميم سري.

ثم ولي بعد المعافر ابنه السمح، فملك ملكا ضعيفا.


(١) في (ط): «هجراء مرو».
(٢) في الأصل: «رقاش»، وما أثبتناه من (ط). والحية الرقشاء: المبقعة بسواد وبياض. انظر: ابن منظور: اللسان مادة «رقش».
(٣) قنطرة سنجة: بفتح السين وسكون النون، وسنجة نهر عظيم يجري بين حصن منصور وكيسوم في ديار مضر، وعليه قنطرة عظيمة من عجائب الدنيا، وهي طاق واحد من الشط إلى الشط. انظر: ياقوت: معجم البلدان ٣/ ٢٦٤ - ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>