للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض (١): «اختلف الناس في معنى هذا الإستثناء على خلافهم في المفاضلة بين مكة والمدينة، فذهب مالك في رواية أشهب عنه وقاله ابن نافع صاحبه وجماعة أصحابه إلى [أن] (٢) معنى الحديث: أن الصلاة في مسجد النبي (٣) صلى الله عليه وسلم، أفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الصلاة فيه بدون الألف، واحتجوا بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه، فتأتي/فضيلة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بتسعمائة وعلى غيره بألف، وهذا مبني على تفضيل المدينة على مكة، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومالك وأكثر المدنيين، وذهب أهل مكة والكوفة إلى تفضيل مكة، وهو قول عطاء، وابن وهب، وابن حبيب -[من أصحاب مالك -] (٤) وحكاه الساجي عن الشافعي وحملوا الإستثناء في الحديث المتقدم على ظاهره، وأن الصلاة في المسجد الحرام أفضل، واحتجوا بحديث عبد الله بن الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث أبي هريرة، وفيه: وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة، وروى قتادة مثله، فيأتي فضل الصلاة في المسجد الحرام على هذا على الصلاة في سائر المساجد بمائة ألف، قال الباجي: والذي يقتضيه الحديث مخالفة حكم [مسجد] (٥) مكة لسائر المساجد ولا يعلم منه حكمها مع المدينة، وذهب الطحاوي إلى أن هذا التفضيل إنما هو في صلاة الفرض،


(١) قول القاضي عياض ورد في كتابه الشفا ٢/ ٧٤ - ٧٥.
(٢) الاضافة من الشفا، فقد نقل عنه المؤلف.
(٣) في (ط): «الرسول».
(٤) الاضافة من الشفا، فقد نقل عنه المؤلف.
(٥) الاضافة من الشفا، فقد نقل عنه المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>