للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه منزلة رفيعة».

قلت (١): في قوله تعالى: {مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ} (٢) إشارة إلى رد الإنسان إلى طينة المبدأ، التي منها النشأة الأولى، فالإنسان يدفن في مكان أخذ تربته على حد الموازنة، فلا يقال لأهل البقيع: إنهم من تربة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما لهم شركة في الأرض المأخوذ منها، دليله: ما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا وفي سرته من تربته التي خلق منها، فإذا رد إلى أرذل العمر رد إلى تربته التي خلق منها، حتى يدفن فيها، وإني وأبا بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة، وفيها ندفن». الدليل: ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من مولود يولد إلا وقد ذر عليه من تراب حفرته» (٣). قلت (٤):

«هذا الحديث أتى على حد الموازنة، ومن دفن منه جزء بأرض، ودفن بأرض أخرى يمكن أن يقال: خلق من تربتين من أرضين، وقيل: لا يمكن، وليست تربته إلا ما حازت عجب الذنب منه، لأنها فيما يظهر لي أنها تربة حفرته، دليله: بقاؤها، ومنها ينبت في النشأة الثانية».

ولم يسمع بمثل ما جرى لعميد الملك الكندري/أبو نصر محمد بن منصور (٥)، استوزره السلطان طغرل بك


(١) قول المؤلف نقله عنه: ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٨، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١١).
(٢) سورة طه آية (٥٥).
(٣) حديث ابن مسعود: أخرجه السيوطي في اللآليء ١/ ٣١٠، وذكره المتقي في كنز العمال برقم (٣٢٦٧٣) وعزاه للخطيب عن ابن مسعود، ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٨، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١١).
(٤) قول المؤلف نقله عنه: ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٨، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١٣).
(٥) عميد الملك، أبو نصر محمد بن منصور الكندري، وزير السلطان طغرل بك، كان من -

<<  <  ج: ص:  >  >>