للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما كانت ليلتي التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي، انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط‍ طرف إزاره على فراشه واضطجع، فلم يلبث إلا بقدر ما ظن أنني قد رقدت، فأخذ رداءه، رويدا وانتقل رويدا، فخرج ثم أجافه (١) رويدا وجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انصرف فانصرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت/فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل، فقال: مالك يا عائشة حشيا رابية، قالت:

قلت: لا شيء، قال: لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير، فأخبرته، فقال:

أنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم، فلهزني لهزة في صدري أوجعتني، ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: قلت: مهما يكتم الناس يعلمه الله عز وجل، قال: إن جبريل أتاني حين رأيت، فناداني فأخفاه منك، فأجبته: فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت،، وكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فقال:

إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فستغفر لهم، قالت: قلت كيف أقول يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين والمستأخرين، وإن شاء لله بكم لا حقون» (٢).

وعن عوسجة (٣) قال: كنت أدعو ليلة إلى زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار، فمر بي جعفر بن محمد، فقال لي: أعن أثر وقفت


(١) ثم أجافه: أي أغلقه. وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم في خفية لئلا يوقظها ويخرج عنها، فربما لحقتها وحشة في انفرادها في ظلمة الليل. انظر: صحيح مسلم ٢/ ٦٧٠ حاشية «٣».
(٢) حديث عائشة: أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور برقم (١٠٣) ٢/ ٦٦٩، ابن شبة في تاريخ المدينة ١/ ٨٨، ابن النجار في الدرة الثمينة ٢/ ٤٠٢.
(٣) عوسجة المكي مولى ابن عباس، روى عن ابن عباس، ليس بمشهور، وثقه أبو زرعة. انظر: ابن أبي حاتم: الجرح ٧/ ٢٥، ابن حجر: التقريب ص ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>