أما بعد فإنّا نخبر أمير المؤمنين أنه لم يصب أرضنا وابل منذ كتبت أخبره عن سقيا الله إيانا، إلا ما بلّ وجه الأرض من الطشّ والرش والرذاذ «١» حتى دقعت الأرض واقشعّرت واغبرّت «٢» ، وثارت في نواحيها أعاصير تذرو دقاق الأرض من ترابها، وامسك الفلاحون بأيديهم من شدة الأرض واعتزازها وامتناعها، وأرضنا أرض سريع تغيّرها، وشيك تنكّرها، سيء ظن أهلها عند قحوط المطر، حتى أرسل الله بالقبول يوم الجمعة «٣» ، فأثارت زبرجا متقطّعا متمصّرا «٤» ، ثم أعقبته الشّمال يوم السبت فطحطحت عنه جهامه «٥» ، وألفت متقطّعة، وجمعت متمصّرة، حتى انتضد فاستوى، وطما وطحا، وكان جونا مرثعنا «٦» قريبا رواعده، ثم عادت عوائده بوابل منهمل منسجل «٧» يردف بعضه بعضا، كلما أردف شؤبوب أردفته شآبيب «٨» لشدة وقعه في العراص «٩» .
وكتبت إلى أمير المؤمنين وهي ترمي بمثل قطع القطن، قد ملأ اليباب «١٠» ، وسد الشعاب، وسقي منها كل ساق. فالحمد لله الذي أنزل غيثه، ونشر رحمته من بعد ما قنطوا، وهو الوليّ الحميد. والسلام.