ولما اتهم قتيبة بن مسلّم، أبا مجلز لاحق بن حميد، ببعص الأمر، قال له أبو مجلز:«أيها الأمير تثبت، فإن التثبت نصف العفو» .
وقال الاحنف:«تعلمت الحلم من قيس بن عاصم» .
وقال فيروز حصين:«كنت أختلف إلى دار الاستخراج أتعلم الصبر» .
وقال سهل بن هارون:«بلاغة اللسان رفق، والعيّ خرق» . وكان كثيرا ما ينشد قول شتيم بن خويلد:
ولا يشعبون الصّدع بعد تفاقم ... وفي رفق أيديكم لذي الصدع شاعب
[خطبة أبي بكر في الملوك]
وقال ابراهيم الانصاري، وهو ابراهيم بن محمد المفلوج، من ولد أبي زيد القاريء: الخلفاء والأئمة وأمراء المؤمنين ملوك، وليس كل ملك يكون خليفة وإماما، ولذلك فصل بينهم أبو بكر رحمه الله في خطبته، فإنه لما فرغ من الحمد والصلاة على النبي قال:«ألا أن أشقى الناس في الدنيا والآخرة الملوك!» . فرفع الناس رؤوسهم، فقال:«ما لكم أيها الناس، إنكم لطعانون عجلون. إن من الملوك من إذا ملك زهده الله فيما في يديه، ورغبه فيما في يدي غيره، وانتقصه شطر أجله، وأشرب قلبه الاشفاق، فهو يحسد على القليل، ويتسخط الكثير، ويسأم الرخاء، وتنقطع عنه لذة الباءة «١» ، ولا يستعمل العبرة، ولا يسكن إلى الثقة. فهو كالدرهم القسي، والسراب الخادع، جذل الظاهر، حزين الباطن، فإذا وجبت نفسه، ونضب عمره، وضحا ظله «٢» ، حاسبه الله فأشد حسابه، وأقل عفوه، إلا من امن بالله، وحكم بكتابه وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم. ألا إن الفقراء هم المرحومون ألا وإنكم اليوم على خلافة النبوة، ومفرق المحجة. وإنكم سترون بعدي ملكا عضوضا، وملكا عنودا «٣» ، وأمة شعاعا، ودما مباحا. فإن كانت للباطل نزوة، ولأهل الحق