الهيثم قال: أنبأني ابن عيّاش عن أبيه قال: خرج الحجاج يوما من القصر بالكوفة، فسمع تكبيرا في السوق، فراعه ذلك، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على نبيه ثم قال:
يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق، ومساوىء الأخلاق، وبني اللكيعة، وعبيد العصا، وأولاد الأماء، والفقع بالقرقر «١» . إني سمعت تكبيرا لا يراد به الله، وإنما يراد به الشيطان. وإنما مثلي ومثلكم ما قال عمرو بن براقة الهمداني:
وكنت ذا قوم غزوني غزوتهم ... فهل أنا في ذا يال همدان ظالم
متى تجمع القلب الذكي وصارما ... وأنفا حميا تجتنبك المظالم
أما والله لا تقرع عصا عصا إلا جعلتها كأمس الدابر.
[خطبة الحجاج بعد دير الجماجم]
خطب في أهل العراق بعد دير الجماجم فقال:
يا أهل العراق، إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم، والعصب والمسامع، والأطراف والأعضاء، والشّغاف، ثم أفضى إلى الأمخاخ والأصماخ، ثم ارتفع فعشّشّ، ثم باض وفرّخ، فحشاكم نفاقا وشقافا، واشعركم خلافا، واتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تستشيرونه، فكيف تنفعكم تجربة، أو تعظكم وقعة، أو يحجزكم إسلام، أو ينفعكم بيان. ألستم أصحابي بالأهواز، حيث رمتم المكر، وسعيتم بالغدر، واستجمعتم للكفر، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته، وأنا