قال أبو اليقظان: كانوا يقولون: أخطب بني تميم البعيث إذا أخذ القناة فهزها ثم اعتمد بها على الارض، ثم رفعها.
وقال يونس: لعمري لئن كان مغلّبا في الشعر لقد كان غلّب في الخطب. وإذا قالوا غلب فهو الغالب. وإذا قالوا مغلّب فهو المغلوب.
وفي حديث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه جاء إلى البقيع، ومعه مخصرة، فجلس ونكت بها الأرض، ثم رفع رأسه فقال:«ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها من الجنة أو النار» . وهو من حديث أبي عبد الرحمن السّلمي.
ومما يدلك على استحسانهم شأن المخصرة حديث عبد الله بن أنيس ذي المخصرة، وهو صاحب ليلة الجهنيّ، وكان النبي عليه السلام أعطاه مخصرة وقال:«تلقاني بها في الجنة» . وهو مهاجريّ عقبيّ أنصاري، وهو ذو المخصرة في الجنة.
[[مطاعن الشعوبية على العرب في الخطابة والعلوم والحرب]]
قالت الشعوبية ومن يتعصب للعجمية: القضيب للإيقاع، والقناة للبقّار، والعصا للقتال، والقوس للرمي. وليس بين الكلام وبين العصا سبب، ولا بينه وبين القوس نسب، وهما إلى أن يشغلا العقل ويصرفا الخواطر، ويعترضا على الذهن أشبه، وليس في حملهما ما يشحذ الذهن، ولا في الإشارة بهما ما يجلب اللفظ. وقد زعم أصحاب الغناء أن المغني إذا ضرب على غنائه، قصّر عن المغني الذي لا يضرب على غنائه. وحمل العصا بأخلاق الفدادين «١» أشبه، وهو بجفاء العرب وعنجهية أهل البدو، ومزاولة إقامة الإبل على الطرق «٢» أشكل، وبه أشبه.