يكنى أبا يزيد، وكان عظيم القدر، شريف النفس، صحيح الإسلام. وكان عمر قال للنبي صلّى الله عليه وآله: يا رسول الله، انزع ثنيتيه السفليين حتى يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:«لا أمثل فيمثّل الله بي وإن كنت نبيا. دعه يا عمر فعسى أن يقوم مقاما تحمده» . فلما هاج أهل مكة عند الذي بلغهم من وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله قام خطيبا فقال:«أيها الناس، إن يكن محمد قد مات فالله حيّ لم يمت. وقد علمتم أني أكثركم قتبا «١» في بر، وجارية في بحر، فأقروا أميركم وأنا ضامن إن لم يتمّ الأمر أن أردّها عليكم» ، فسكن الناس. وهو الذي قال يوم خرج آذن عمر، وهو بالباب وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وفلان وفلان، فقال الآذن: أين بلال، أين صهيب، أين سلمان، أين عمار؟ فتمعّرت وجوه القوم، فقال سهيل: لم تتمعّر وجوهكم؟! دعوا ودعينا فأسرعوا وأبطأنا، ولئن حسدتموهم على باب عمر، لما أعد الله لهم في الجنة أكثر.
[[عبد الله بن عروة بن الزبير]]
ومن الخطباء: عبد الله بن عروة بن الزبير. قالوا: وكان خالد بن صفوان يشبّه به. وما علمت أنه كان في الخطباء أحد كان أجود من خالد بن صفوان وشبيب بن شيبة، للذي يحفظه الناس ويدور على ألسنتهم من كلامهما. وما أعلم أن أحدا ولّد لهما حرفا واحدا.
[[النسابون الخطباء]]
ومن النسابين من بني العنبر ثم من بني المنذر: الحنتف بن يزيد بن جعونة. وهو الذي تعرض له دغفل بن حنظلة العلامة عند ابن عامر بالبصرة، فقال له: متى عهدك بسجاح أمّ صادر؟ فقال:«ما لي بها عهد منذ أضلت أمّ حلس» ، وهي بعض أمهات دغفل. فقال له: نشدتك بالله، أنحن كنا لكم أكثر غزوا في الجاهلية أم أنتم لنا؟ قال: بل أنتم فلم تفلحوا ولم تنجحوا، غزانا فارسكم وسيدكم وابن سيدكم، فهزمناه مرة وأسرناه مرة، وأخذنا في فدائه