للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف وأبيه ما قالوا، وقد أنشدوا مع هذا الخبر شاهدا من الشعر على أن الحجاج وأباه كانا معلمين بالطائف.

ثم رجع بنا القول إلى الكلام الأول.

قالوا: أحق الناس بالرحمة عالم يجري عليه حكم جاهل.

قال: وكتب الحجاج إلى المهلب يعجله في حرب الأزارقة ويسمعه، فكتب إليه المهلب: «إن البلاء كل البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره» .

[[خير الكلام الوسط]]

وقال بعض الربانيين «١» من الأدباء، وأهل المعرفة من البلغاء ممن يكره التشادق والتعمّق، ويبغض الإغراق في القول، والتكلّف والاجتلاب «٢» ، ويعرف أكثر ادواء الكلام ودوائه، وما يعتري المتكلم من الفتنة بحسن ما يقول، وما يعرض للسامع من الافتتان بما يسمع، والذي يورث الاقتدار من التهكم والتسلط، والذي يمكن الحاذق والمطبوع من التمويه للمعاني، والخلابة وحسن المنطق، فقال في بعض مواعظه: «أنذركم حسن الألفاظ، وحلاوة مخارج الكلام، فإن المعنى إذا اكتسى لفظا حسنا وأعاره البليغ مخرجا سهلا، ومنحه المتكلم دلا متعشقا، صار في قلبك أحلى، ولصدرك أملا. والمعاني إذا كسيت الألفاظ الكريمة، وألبست الأوصاف الرفيعة، تحولت في العيون عن مقادير صورها، وأربت على حقائق أقدارها، بقدر ما زينت، وحسب ما زخرفت. فقد صارت الألفاظ في معاني المعارض «٣» ، وصارت المعاني في معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>