وقال الله عز وجل: وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ. قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ.
وقال الله عز وجل: قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ. قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ. وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ. فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ
. ألا ترى أنهم لما سحروا أعين الناس واسترهبوهم بالعصي والحبال، لم يجعل الله للحبال من الفضيلة في اعطاء البرهان ما جعل للعصا، وقدرة الله على تصريف الحبال في الوجوه، كقدرته على تصريف العصا.
. فبارك كما ترى على تلك الشجرة، وبارك في تلك العصا، وإنما العصا جزء من الشجر.
وقال عز وجل: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها. أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها.
[[أصل العصا الشجرة المباركة]]
وقالت الحكماء: إنما تبنى المدائن على الماء والكلأ والمحتطب. فجمع بقوله: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها
النجم والشجر، والملح واليقطين، والبقل والعشب. فذكر ما يقوم على ساق وما يتفنن وما يتسطح، وكل ذلك مرعي، ثم قال على النسق: مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ
، فجمع بين الشجر والماء والكلأ والماعون كله، لأن الملح لا يكون إلا بالماء، ولا تكون النار إلا من الشجر.