أخرى، ولا يستقبل معمّر يوما من عمره إلا بفراق آخر من أجله، ولا تحدث له زيادة في أكله إلا بنفاد ما قبله من رزقه، ولا يحيا له أثر إلا مات له أثر.
ونحن أعوان الحتوف على أنفسه، وأنفسنا تسوقنا إلى الفناء، فمن أين نرجو البقاء؟ وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شيء شرفا إلا أسرعا الكرّة في هدم ما رفعا، وتفريق ما جمعا. فاطلب الخير من أهله، واعلم أن خيرا من الخير معطيه، وشرا من الشر فاعله.
[[أقوال وأشعار في الطلب والدعاء]]
وقال أبو نواس:
أتتّبع الظرفاء أكتب عنهم ... كيما أحدّث من أحبّ فيضحكا
وقال آخر:
قدرت فلم أترك صلاح عشيرتي ... وما العفو إلا بعد قدرة قادر
وقال آخر:
أخو الجدّ إن جدّ الرجال وشمّروا ... وذو باطل إن شئت ألهاك باطله
قبيصة بن عمر المهلبيّ، أن رجلا أتى ابن أبي عيينة، فسأله أن يكتب إلى داود بن يزيد كتابا، ففعل وكتب في أسفله:
إن امرأ قذفت إليك به ... في البحر بعص مراكب البحر
تجري الرياح به فتحمله ... وتكفّ أحيانا فلا تجري
ويرى المنيّة كلما عصفت ... ريح به للهول والذعر
للمستحقّ بأن تزوده ... كتب الأمان له من الفقر
قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ما وجد أحد في نفسه كبرا إلا من مهانة يجدها في نفسه.
ودخل رجل من بني مخزوم، وكان زبيريا، على عبد الملك بن مروان،