لا يستطيع الناس أن ينصفوا الملوك من وزرائهم، ولا يستطيعون أن ينظروا بالعدل بين الملوك وحماتهم وكفاتهم، وبين صنائعهم وبطانتهم. وذلك أنهم يرون ظاهر حرمة وخدمة، واجتهاد ونصيحة، ويرون إيقاع الملوك بهم ظاهرا، حتى لا يزال الرجل يقول: ما أوقع به إلا رغبة في ماله، أو رغبة في بعض مالا تجود النفس به، ولعل الحسد والملالة وشهوة الإستبدال، إشتركت في ذلك.
وهناك خيانات في صلب الملك، أو في بعض الحرم، فلا يستطيع الملك أن يكشف للعامة موضع العورة في الملك، ولا أن يحتج لتلك العقوبة بما يستحق ذلك الذنب، ولا يستطيع الملك ترك عقابه لما في ذلك من الفساد، على علمه بأن عذره غير مبسوط للعامة، ولا معروف عند أكثر الخاصة.
ونزل رجل من أهل العسكر، فغدا بين يدي المأمون، وشكا إليه مظلمته، فأشار بيده: أن حسبك! فقال له بعض من كان يقرب من المأمون:
يقول لك أمير المؤمنين: إركب. قال المأمون: لا يقال لمثل هذا:
إركب، إنما يقال له: إنصرف! وحدثني إبراهيم بن السندي قال: بينا الحسن اللؤلؤي يحدث المأمون ليلا وهو بالرقّة، وهو يومئذ ولي عهد، وأطال الحسن الحديث حتى نعس المأمون، فقال الحسن: نعست أيها الأمير! ففتح عينيه وقال: سوقي وربّ الكعبة! يا غلام خذ بيده.
[[نوادر النوكى والمجانين وجفاة الأعراب]]
ذكر بقية كلام النوكى والموسوسين والجفاة والأغبياء وما ضارع ذلك وشاكله، وأحببنا أن لا يكون مجموعا في مكان واحد إبقاء على نشاط القاريء والمستمع.