وكما لا ينبغي أن يكون اللفظ عاميا، وساقطا سوقيا، فكذلك لا ينبغي أن يكون غريبا وحشيا، إلا أن يكون المتكلم بدويا أعرابيا، فإن الوحشيّ من الكلام يفهمه الوحشي من الناس، كما يفهم السوقيّ رطانة السوقي. وكلام الناس في طبقات كما أن الناس أنفسهم في طبقات. فمن الكلام الجزل والسخيف، والمليح والحسن، والقبيح والسمج، والخفيف والثقيل، وكله عربي، وبكلّ قد تكلموا، وبكلّ قد تمادحوا وتعايبوا. فإن زعم زاعم أنه لم يكن في كلامهم تفاضل، ولا بينهم في ذلك تفاوت، فلم ذكروا العييّ والبكيء، والحصر والمفحم، والخطل والمسهب، والمتشدّق، والمتفيهق، والمهمار، والثرثار، والمكثار والهمار، ولم ذكروا الهجر والهذر، والهذيان والتخليط وقالوا: رجل تلقّاعة «٧» ، وفلان يتلهيع في خطبته «٨» . وقالوا: فلان